Published: سبتمبر 18, 2021

الأهداف المتعلقة بجزيئات قوام القهوة

يمكن تعريف قوام القهوة بأنه ذلك الشعور الذي تتركه في الفم. ويعتبر القوام أحد أهم عناصر جودة القهوة بجميع أنواعها، وليس في القهوة المتخصصة فقط. ما عليك سوى قراءة مواصفات المنتج الموجودة على إحدى عبوات القهوة المتوفرة في السوبر ماركت لتدرك أهمية القوام الكامل والسلس عند محبي القهوة، إلى درجة تفوق أهمية العديد من السمات الأخرى المدرجة في نماذج تقييم القهوة المتخصصة. وقد أوضحت بعض الأبحاث الأهمية الخاصة للقوام في تمييز المظهر الحسي للقهوة الأقل جودةبوريم وآخرون، 2016).

إلا أن العناصر التي تمنح القهوة قوامها ما تزال غير مفهومة بالشكل الكافي. إذ يتكون قوام القهوة من عدة أحاسيس مختلفة، ولم يتم تحديدها بدقة حتى الآن. وهناك القليل من الدراسات التي بيّنت مكونات القهوة التي تعزز من هذه الأحاسيس. إلا أنه قد تم الشهر الماضي الكشف عن بحث جديد يشير إلى وجود بعض الجزيئات غير المتوقعة التي تساهم في شعور الفم الذي تمنحه القهوة. و يزعم الباحثون أن هذه الجزيئات قد تساعد المزارعين وأصحاب المحامص على ضبط عملياتهم بطريقة تُحسّن من قوام القهوة.

 

ما هو المقصود بالقوام؟

يبدو مصطلح ’القوام‘ بسيطًا للغاية. فإذا أخذنا بالاعتبار الحواس الخمس، فإن ’القوام‘ يتوافق مع حاسة ’اللمس‘ الموجودة في الفم. إلا أن ما قد نعتقد أنه عبارة عن ’لمسة‘ ما هو إلا مجموعة متنوعة ومعقدة من الأحاسيس. هناك أربعة أنواع من المستقبلات الميكانيكية الموجودة على الجلد تقوم بالاستجابة للضغوطات والاهتزازات المختلفة. تُضاف هذه المعلومات إلى الملاحظات حول موضع اللسان والفك والشفتين (مواقعاستقبال الحس العميق) والقوة المطلوبة لتحريكها، للتعرف على الخصائص الفيزيائية للقهوة.

<وتشمل هذه الخصائص الفيزيائية: اللزوجة والكثافة والتوتر السطحي وقابلية الابتلال، بالإضافة إلى مقدار التزليق أو الاحتكاك الذي يحدث في الفم (نفاريني وآخرون، 2005). المستقبلات الموجودة في الفم حساسة للغاية: فيمكنها استشعار اختلافات صغيرة جدًا في اللزوجة قد تصل إلى 1 ميجا باسكال (mPa)، ويمكنها اكتشاف جسيمات يصل حجمها إلى 5 ميكرومتر‘ (تيل، 1993). كما تستطيع المستقبلات ’الكيميائية‘ استشعار أحاسيس مثل الحرارة والحرق والبرودة والوخز من المركبات الكيميائية في المشروبات (سيمونز وآخرون، 2019).

يعتبر الفلفل الحار وفلفل السيشوان مثالين على الأطعمة التي تحفز المستقبلات ’الكيميائية‘ في الفم، مما يؤدي إلى الإحساس بالحرارة أو الوخز.

وقد يتجلى هذا المزيج من المدخلات الحسية على هيئة مجموعة مختلفة من الأحاسيس مثل: السماكة، والخشونة، والقوام القشدي، والجفاف، وغيرها الكثير. في بروتوكولات باريستا هاسل لتذوق القهوة، نقسم الأحاسيس المختلفة المكونة للقوام إلى فئتين: الوزن والقوام. وقد دعم أحد الأبحاث هذا النهج عندما أظهر أن محترفي صناعة القهوة يقيمون كثافة القوام (الوزن أو السُمك) بشكل منفصل عن جودته (القوام أو النعومة) (ألسترب، 2018).

 

ما هي المكونات ذات الصلة؟

على الرغم من أن اللسان يستطيع تمييز أدق التغييرات في لزوجة المشروبات، إلا أن هناك القليل جدًا من أبحاث القهوة التي ربطت اللزوجة بالوزن المتصور للمشروب. وقد أظهرت الدراسات أن المشروبات التي تحتوي على نسبة عالية من المواد الصلبة الذائبة والتي حققت استخلاصًا أعلى يُنظر إليها على أنها أكثر سمكًا أو لزوجة (فروست وآخرون، 2020, بتالي وآخرون، 2020). ويُعتقد أن لزوجة القهوة مرتبطة إلى حدٍ كبير بجزيئات أكبر حجمًا مثل السكريات المتعددة والبروتينات (كلارك ومكاري، 1988) أو بالزيوت المستحلبة، في حالة الإسبريسو ) (مارينو بيتراكو،2005).

تؤثر الزيوت الموجودة في القهوة على قوامها (أوشتريتش-جانزين،2010). كما تزيد الدهون الموجودة في المشروبات من الإحساس القشدي الذي يتأتى من ارتفاع اللزوجة، وتغليف الفم وتليين سطحه مما يعطي إحساسًا بالنعومة على اللسان (ميلا، 1988).

ومن جهة أخرى، يرتبط القوام الرملي الجاف الناجم عن المذاق اللاذع بنسبة حمض الكلوروجينيك (CGA) الموجودة في المشروب. وقد لا يكون هذا الحمض في حد ذاته هو السبب المباشر لظهور المذاق اللاذع في القهوة (جلويس وآخرون، 2013).

وخلال إحدى المحاولات القليلة لتحديد الجزيئات المسؤولة عن القوام في القهوة، تم استخدام مقياس الطيف بالأشعة تحت الحمراء لتحليل الجزيئات الموجودة في عدد من المشروبات المختلفة، وأكدت أن ارتفاع محتوى البروتين أو الكربوهيدرات أو الدهون مرتبط بقوام أثقل (إستيبان-دييز وآخرون، 2004). كما وجد الباحثون علاقة بين القوام الأثقل ومحتوى الكافيين وحمض الكلوروجينيك، لكنهم رجحوا أن يكون هذا الارتباط نتيجة استخدام قهوة روبوستا في دراستهم، والتي تتميز بقوام أثقل، والعلاقة بين محتوى حمض الكلوروجينيك ودرجة التحميص.

 

The Importance of Small Molecules

ذهب بحث جديد غير منشور من علماء جامعة ولاية أوهايو إلى أبعد من ذلك، حيث قسموا القهوة إلى مكوناتها المنفصلة لتحديد المركبات التي تخلق الإحساس بالقوام. وقد استخدم الباحثون تقنية تسمى كروماتوغرافيا السائل عالية الأداء (HPLC) لفصل القهوة التي رأت لجنة التذوق أنها تحتوي على قوام كامل تدريجيًا إلى أجزاء تحتوي على جزيئات مختلفة. ثم قام أعضاء اللجنة بتذوق جميع هذه الأجزاء وحددوا تلك التي ساهمت في تكوينها. ثم كرروا هذه العملية مع جميع الأجزاء، واستمروا في فصلها إلى أجزاء أصغر وأصغر، حتى تمكنوا من حصرها في جزيئات فردية، تعطي كل منها أحاسيس مختلفة.

عمود كروماتوجرافي السائل عالي الأداء (HPLC). يعمل عمود كروماتوجرافي السائل عالي الأداء بطريقة ضخ السائل عبر عمود معبأ بجزيئات ممتزّة. تمر الجزيئات الصغيرة عبر العمود بسرعة، بينما تستغرق الجزيئات الأكبر حجمًا، أو تلك التي تلتصق بالجزيئات الموجودة في العمود، وقتًا أطول في المرور. وهذا يسمح بفصل المكونات المختلفة للسائل.

وقد حدد العلماء بعض المركبات التي تساهم في القوام والتي تختلف تمامًا عن الجزيئات الكبيرة التي جرى الاعتقاد بكونها المسؤولة. يقول الباحث كريستوفر سيمونز: ”كان الاعتقاد السائد بأن [القوام] تحدده السكريات والدهون“. ”لكن فريقنا وجد أن هذا الشعور قد يكون ناجمًا عن الجزيئات الصغيرة، وهو أمر فريد من نوعه.“

فقد وجد الفريق أن الإحساس بالمذاق اللاذع مرتبط بوجود الميلانويدينات، وهي جزيئات معقدة بنية اللون تكونت أثناء التحميص عبر تفاعلات ميلارد و انحلال ستريكر. كما ربطوا الإحساس ’الطباشيري‘ بجزيء جديد يحتوي على الأحماض الأمينية. والأكثر إثارة للدهشة أنهم وجدوا أن أحماض الكلوروجينيك مرتبطة بإحساس تغليف الفم في القهوة.

ولأن أحماض الكلوروجينيك قد تم ربطها في السابق بوجود المذاق اللاذع في القهوة، فقد كان من المدهش اكتشاف ارتباطها بإحساس تغليف الفم. والأكثر إثارة للدهشة هو أن التأثير ينخفض في المشروبات ذات التركيز الأعلى من حمض الكلوروجينيك.

<أحد التفسيرات المحتملة هو أن هذه الجزيئات لا تثير هذه الأحاسيس عن طريق تغيير الخصائص الفيزيائية للمشروب، بل عن طريق التفاعل المباشر مع المستقبلات المختلفة المعنية. ويقترح الباحثون أنه بنفس الطريقة التي يُنشّط بها الكابسيسين الموجود في الفلفل مستقبلات الحرارة، بحيث يعطي انطباعًا خاطئًا عن شدة الحرارة، باستطاعة بعض الجزيئات الموجودة في القهوة تنشيط المستقبلات الميكانيكية الموجودة في الفم. وأشار الباحثون إلى أن بعض المركبات معروفة بالفعل بتنشيط المستقبلات اللمسية، مثل السانشول الموجود في الفلفل السيشواني.

مما قد يفسر ضعف الارتباط بين القوام واللزوجة، كما تقترح الباحثة برايان لين حيث تقول: ”لا يعتبر التباين في السُمك واللزوجة مهمًا في القهوة المقطرة،“ إذ تختلف كميات المركبات الموجودة، مثل حمض الكلوروجينيك، اعتمادًا على نوع القهوة وطريقة تحميصها وكيفية تخميرها. وهذا يشير إلى أنه يمكن لمنتجي القهوة أو المحامص أو معدي القهوة تحسين عملياتهم لمنح قهوتهم أحاسيس معينة متعلقة بالقوام. و تقترح لين ”بمجرد أن يكون لديك هذه الأهداف المتعلقة بالجزيئات، يمكنك التنويع في وقت التخمير أو حجم الطحن، بهدف الحصول على كمية أكبر أو أقل من بعض المركبات“. في الجزء التالي من دراستهم، سينظر الباحثون في كيفية تأثير التحميص على مستويات هذه المركبات، وتأثير ذلك على قوام القهوة.

0 تعليق

إرسال تعليق

30 Day Money Back Guarantee+
30 Day Money Back Guarantee

Signup for a personal BH Membership with a 30 day money back guarantee! Signup is risk-free and you can cancel your membership at any time!